Selasa, 02 November 2010

مولد سمط الدرر - الإمام الواصل القطب العارف بالله علي بن محمد بن حسين الحبشي

الحمدلله القوي سلطانه * الواضح برهانه * المبسوط في الوجود كرمه واحسانه * تعالى مجده وعظم شانه * خَلَقَ الخلقَ لحِكمه * وطوى عليها علمه * وبسط لهم من فائض المنةما جرت به اقدار القسمة * فأرسل إليهم اشرف خلقه واجل عبيده رحمة * تعلقت ارادته الأزلية بخلق هذا العبد المحبوب * فا نتشرت اثار شرفه في عوالم الشهادة والغيوب * فما اجل هذا المن الذي تكرم به المنان * وما اعظم هذا الفضل الذي برز من حضرة الإحسان * صورةً كاملةً ظهرت في هيكلٍ محمود * فتعطرت بوجودها اكناف الوجود * وطرزت برد العوالم بطراز التكريم

تجلى الحق في عالم قدسه الواسع * تجليا ً بإنتشار فضله في القريب والشاسع * فله الحمد الذي لا تنحصر افراده بتعداد * و لايمل تكراره بكثرة ترداد * حيث ابرز من عالم الآمكان * صورة هذا الأنسان * ليتشرف بوجوده الثقلان * وتنتشر اسراره في الأكوان * فما من سر اتصل به قلب منيب * الا من سوابغ فضل الله على هذا الحبيب

فسبحان الذي ابرز من حضرة الأمتنان * ما يعجز عن وصفه اللسان * ويحار في تعقل معانيه الجنان * انتشر منه في عالم البطون والظهور * ما ملاء الوجود الخلقي نور * فتبارك الله من اله كريم * بشرتنا اياته في الذكر الحكيم * ببشارة { لقد جاءكم رسولٌ من انفسكم * عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤفٌ رحيم * } فمن فاجأته هذه البشارة و تلقاها بقلبٍ سليم فقد هُديَ الى صراطٍ مستقيم

و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له شهادة تعرب بها اللسان * عما تضمنه الجنان * من التصديق بها والاذعان * تثبت بها في الصدور من الإيمان قواعده * و تلوح على اهل اليقين من سر ذلك الأذعان والتصديق شواهده * واشهد ان سيدنا محمداً العبد الصادق في قوله وفعله * و المبلغ عن الله ما امره بتبليغه لخلقه من فرضه ونفله * عبدٌ ارسلهُ الله للعالمينً بشيراً ونذيراً * فبلغ الرسالة * و ادى الأمانة * وهدى الله به من الأمة بشراً كثيراً * فكان في ظلمة الجهل للمستبصرين سراجاً وقمراً منيراً * فما اعظمها من منةٍ تكرّم الله بها على البشر * و ما اوسعها من نعمةٍ انتشر سرها في البحر و البر * اللهم صل وسلم باجل الصلوات واجمعها و ازكى التحيات و اوسعها * على هذا العبد الذي وفى بحق العبودية * و برز فيها في خلعة الكمال * و قام بحق الربوبية في مواطن الخدمة لله و اقبل عليهِ غاية الإقبال * صلاةً يتصل بها روح المصلي عليه به * فينبسط في قلبه نور سر تعلقه به وحبه * و يكتب بها بعناية الله في حزبه * وعلى اله وصحبه من ارتقوا صهوة المجد بقربه * و تفيأوا ظلال الشرف الأصلي بوده وحبه * و ما عطر الأكوان بنشر ذكراهم نسيم
اما بعد  فلما تعلقت ارادة الله في العلم القديم * بظهور اسرار التخصيص للبشر الكريم * بالتقديم والتكريم * نفذت القدرة الباهرة * بالنعمة الواسعة و المنة الغامرة * فانفلقت بيضة التصوير * في العالم المطلق الكبير * عن جمالٍ مشهودٍ بالعين * حاوٍ لوصف الكمالِ المطلقِ و الحسنِ التامِ و الزين * فتنقل ذلك الجمال الميمون * في الأصلاب الكريمة والبطون * فما من صلبٍ ضمّه * الا و تمت عليه من الله النعمة * فهو القمر التامُّ الذي يتنقَّلُ في بروجه * ليتشرف به موطن استقراره و موضع خروجه * وقد قضت الأقدار الأزلية بما قضت و اظهرت من سرِّ هذا النور ما اظهرت * و خصصت به من خصصت * فكان مستقره في الأصلاب الفاخرة * والأرحام الشريفة الطاهرة * حتى برز في عالم الشهادة بشراً لا كالبشر * و نوراً حير الأفكار ظهوره و بهر * فتعلقت همةُ الراقم لهذه الحروف* بإن يرقم في هذا القرطاس ماهو لديه من عجائب ذلك النور معروف * و إن كانت الألسن لا تفي بعشر معشارِ اوصافِ ذلك الموصوف * تشويقاً للسامعين * من خواص المؤمنين * و ترويحاً للمتعلقين بهذا النور المبين * و الا فانى تعرب الأقلام * عن شؤن خير الأنام * ولكن هزني الى تدوين ما حفظته من سير اشرف المخلوقين * و ما اكرمه الله به في مولده من الفضل الذي عمَّ العالمين * و بقيت رايته في الكون منشورة على مر الأيام والشهور والسنين * داعي التعلق بهذه الحضرة الكريمة * ولاعِجُ التشوق الى سماع اوصافها العظيمة * و لعلَّ الله ينفع بها المتكلم والسامع * فيدخلان في شفاعة هذا النبي الشافع * و يتروحانِ بروحِ ذلك النعيم

وقد آن للقلم ان يخط ما حركته فيه الأنامل * مم استفاده الفهم من صفات هذا العبد المحبوب الكامل * و شمائله التي هي احسن الشمائل * وهنا حَسُنَ ان نُثبِت ما بلغ الينا في شأن هذا الحبيب من اخبارٍ و أثار * ليتشرف بكتابته القلم والقرطاس و تتنزه في حدائقه الأسماع و الأبصار * وقد بلغنا في الأحاديث المشهورة إن اول شيءٍ خلقه الله هو النور المودع في هذه الصورة * فنور هذا الحبيب اول مخلوقٍ برزَ في العالم * و منه تفرع الوجود خلقاً بعد خلقٍ فيما حدث و ما تقادم * وقد اخرج عبدالرزاق بسنده عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال : { قلت يا رسول الله بابي و امي اخبرني عن اول شيءٍ خلقه الله قبل الأشياء * قال : يا جابر إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم من نوره } *
وقد ورد من حديث ابو هريرة رضي الله عنه انه قال : * { قال :رسول الله صلى الله عليه وسلم : كنت اول النبيين في الخلقِ وآخرهم في البعث }*
وقد تعددت الروايات بانه اول الخلق وجودا و اشرفهم مولودا * ولما كانت السعادة الأبدية * لها ملاحظةٌ خفية اختصت من شاءت من البرية * بكمال الخصوصية * فاستودعت هذا النور المبين * اصلاب و بطون من شرفته من العالمين * فتنقل هذا النور من صلب ادم ونوحٍ و ابراهيم * حتى اوصلته يد العلم القديم * الى من خصصته بالتكريم ابيه الكريم * عبدالله ابن عبدالمطلب ذي القدر العظيم * و امه التي هي في المخاوف آمنة * السيدة الكريمة امنة * فتلقاه صلب عبدالله * فالقاه الى بطنها * فضمته احشاؤها بمعونة الله محافظة على حق هذه الدُرةِ و صونها * فحملته برعاية الله كما ورد عنها حملاً خفيفاً لا تجد له ثقلاً * و لاتشكوا منه الماً ولا عللاً * حتى مرّ الشهر بعد الشهر من حمله * و قرب وقت بروزه الى عالم الشهادة لتنبسط على اهل هذا العالم فيوضات فضله * وتنتشر فيه اثار مجده الصميم

ومنذُ علقت به هذه الدرة المكنونة * و الجوهرة المصونة * و الكون كله يصبح و يمسي في سرورٍ و ابتهاج * بقرب ظهور اشراق هذا السراج * و العيون متشوفةٌ الى بروزه * متشوقةٌ الى التقاط جواهر كنوزه * و كل دابةٍ لقريشٍ نطقت بفصيح العبارة * معلنة بكمال البشارة * وما من حاملٍ حملت في ذلك العام * الا اتت في حملها بغلام * من بركات وسعادة هذا الأمام * ولم تزل الأرض والسموات * متضمخةً بعطر الفرح بملاقاة اشرف البريات * و بروزه من عالم الخفاء الى عالم الظهور * فاظهر الله في الوجود بهجة التكريم * و بسط في العالم الكبير مائدة التشريف و التعظيم * ببروز هذا البشر الكريم

فحين قرب اوان وضع هذا الحبيب * اعلنت السموات والأرضون ومن فيهن بالترحيب * و امطار الجود الالهي على اهل الوجود تثج *والسنة الملائكة بالتبشير للعالمين تعج (1) * والقدرة كشفت قناع هذا المستور * ليبرز نورهُ كاملاً في عالم الظهور * نوراً فاق كل نور *و انفذ الحق حكمه * على من اتم الله عليه النعمة * من خواص الأمة * ان يحضر عند وضعه امة * تانيساً لجنابها المسعود * و مشاركةً لها في هذا السماط الممدود * فحضرت بتوفيق الله السيدة مريم والسيدة اسية * و معهما من الحور العين من قسم الله له من الشرف بالقسمة الوافية * فاتى الوقت الذي رتب الله على حضوره وجود هذا المولود * فانفلق صبح الكمال من النور عن عمود و برز الحامد المحمود * مذعناً لله بالتعظيم والسجود *
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله
( 1 ) سبحان الله والحمدلله و لا اله الا الله والله و اكبر ( ثلاثا )
الـــقـــيــــام
وحين برز صلى الله عليه وسلم من بطن امه برز رافعاً طرفه الى السماء * مؤمياًبذلك الرفع الى انه له شرفاً علا مجده وسما * وكان وقت مولد سيد الكونين * من الشهور شهر ربيع الأول ومن الأيام يوم الأثنين * و موضع ولادته و قبره بالحرمين * و قد ورد انه  ولد مختوناً مكحولاً مقطوع السُرة * تولت ذلك لشرفه عند الله ايدي القدرة * و مع بروزه الى هذا العالم ظهر من العجائب * ما يدل على انه اشرف المخلوقين وافضلالحبائب * فقد ورد عن عبدالرحمن بن عوف عن امه الشفاء رضي الله عنهما * قالت : { لما ولدت امنة رضي الله عنها رسول الله  وقع على يدي فا ستهلَّ فسمعت قائلاً يقول رحمك الله او رحمك ربك * قالت الشفء : فاضاء له ما بين المشرق والمغرب * * و كم ترجمت السُّنةُ من عظيم المعجزات * و باهر الايات البينات * بما يقضي بعظيم شرفه عند مولاه * و إن عين عنايته في كل حينٍ ترعاه * وانه الهادي الى الصراط المستقيم
ثم انه  بعد ان حكمت القدرة بظهور ة * و انتشرت في الأكوان لوامع نوره * تسابقت الى رضاعهِ المرضِعات * و توفرت رغبات اهل الوجود في حضانة هذه الذات * فنفذ الحُكمُ من الحضرة العظيمة * بواسطة السوابق القديمة * بإن الأولى بتربية هذا الحبيب و حضانته السيدة حليمة * و حين لاحظته عيونها * و برز في شأنها من الأسرار مكنونها * نازل قلبها من الفرح و السرور * ما دلّ على ان حظها من الكرامة عند الله حظٌ موفور * فحنت عليه حنو الأمهات على البنين * و رغبت في رضاعه طمعاً في نيل بركاته التي شملت العالمين * فطلبت من امه الكريمة * ان تتولى رضاعه وحضانته و تربيته بالعين الرحيمة * فأجابتها بالتلبية لداعيها * لما رأت من صدقها في حسن التربية و وفور دواعيها * فترحلت به الى منازلها مسرورة * وهي برعاية الله محفوفةٌ و بعين عنايته منظورة * فشاهدت في طريقها من غريب المعجزات * ما دلها على انه اشرف المخلوقات * فقد اتت و شارفها و اتانها ضعيفتان * و رجعت وهما لدواب القافلة يسبقان * و قد درت الشارف والشياة من الألبان * بما حير العقول والأذهان * و بقي عندها في حضانتها و زوجها سنتين * تتلقى من بركات و عجائب معجزاته ما تقرُّ به العين * و تنتشر اسراره في الكونين * حتى واجهته ملائكة التخصيص و الأكرام * بالشرف الذي عمت بركته الأنام * وهو يرعى الأغنام * فاضجعوه على الأرض اضجاع تشريف * و شقوا بطنه شقاً لطيف * ثم اخرجوا من قلبه ما اخرجوه و اودعوا فيه من اسرار العلم و الحكمة ما اودعوه

و هو مع ذلك في قوةٍ و ثبات * يتصفح من سطور القدرة الالهية باهر الآيات * فبلغ الى مرضعته الصالحة العفيفة * ما حصل على ذاته الشريفة * فتخوفت عليه من حادثٍ تخشاه * و لمتدرِ انه ملاحظٌ بالملاحظة التامةِ من مولاه * فردته الى امه و هي غير سخيةٍ بفراقه * ولكن لما قام معها من حزن القلب عليه و اشفاقه * و هو بحمدالله في حصنٍ مانعٍ و مقامٍ كريم
فنشاء  على اكمل الأوصاف * يحفه من الله جميل الرعاية و غامر الألطاف * فكان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر * و يظهر عليه في صباه من شرف الكمال ما يشهد له بأنه سيد ولد آدم ولا فخر * ولم يزل وانجم سعوده طالعة * و الكائنات لعهده حافظةٌ ولامرهِ طائعة * فما نفث على مريضٍ الا شفاهُ الله * و لاتوجه في غيثٍ الا وانزله مولاه * حتى بلغ من العمر اشده * و مضت له من سن الشباب والكهولة مدة * فاجأته الحضرة الالهية بما شرفته به وحده *فنزل عليه الروح الأمين * بالبشرى من رب العالمين * فتلا عليه لسان الذكر الحكيم شاهد { و انك لتلقى القرآن من لدن حكيمٍ عليم }
فكان اول ما نزل عليه من تلك الحضرة من جوامع الحكم * قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الأنسان من علق * اقرأ و ربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الأنسان ما لم يعلم * }
فما اعظمها من بشارةٍ اوصلتها يد الأحسان من حضرة الأمتنان * الى هذا الأنسان * و ايدتها بشارة { الرحمن علم القرآن * خلق النسان علمه البيان * } و لاشك انه  هو الأنسان المقصود بهذا التعليم * من حضرةالرحمن الرحيم

ثم انه بعد ما نزل عليه الوحي البليغ * تحمل اعباء الدعوة والتبليغ * فدعا الخلق الى الله على بصيرة * فاجابه بالاذعان من كانت له بصيرةٌ منيرة * وهي اجابةٌ سبقت بها الأقضيةُ و الأقدار * تشرف باسبق اليها المهاجرون والنصار * و قد اكمل الله بهمة ها الحبيب و اصحابه هذا الدين * و اكبت بشدة بأسهم قلوب الكافرين و الملحدين * فظهر على يديه من عظيم المعجزات * ما يدل على انه اشرف اهل الأرض و السموات * فمنها تكثير القليل * وبرء العليل * و تسليم الحجر * و طاعة الشجر * و انشقاق القمر * و الخبار بالمغيبات * و حنين الجذع الذي هو من خوارق العادات * و شهادة الضب له والغزالة * بالنبوة والرسالة * الى غير ذلك من باهر الآيات * و غرائب المعجزات * التي ايده الله بها في رسالته * و خصصه بها من بين بريته * و قد تقدمت له قبل النبوة ارهاصات * هي على نبوته و رسالته من اقوى العلامات * و مع ظهورها و انتشارها سعد بها الصادقون من المؤمنين * و شقي بها المكذبون من الكافرين و المنافقين * و تلقاها بالتصديق والتسليم * كل ذي قلبٍ سليم

و من الشرف الذي اختص الله به اشرف رسول * معراجه الى حضرة الله البّرِ الوصول * وظهور ايات الله الباهرة في ذلك المعراج * و تشرف اهل السموات و من فوقهن باشراق نور ذلك اسراج * فقد عرج الحبيب  ومعه المين جبريل *الى حضرة الملك الجليل * مع التشريف و التبجيل * فما من سماءٍ ولجها الا وبادره اهلها بالرحيبوالتكريم والتأهيل * و كل رسولٍ مرَّ عليه * بشره بما عرفه من حقه عند الله و شريف منزلته لديه * حتى جاوز السبع الطباق * و وصل الى حضرة الأطلاق * نازلته من الحضرة الالهية * غوامر النفحات القربية * و واجهته بالتحيات * و اكرمته بجزيل العطيات * و اولته جميل الهبات * و نادته بشريف التسليمات * بعد اناثنى على تلك الحضرة بالتحيات المباركات الصلوات الطيبات * فيالها من نفحاتٍ غامرات * و تجلياتٍ عالياتٍ في حضراتٍ باهرات * تشهد فيها الذات للذات * و تتلقى عواطف الرحمات * و سوابغ الفيوضات بإيدي الخضوع والأخبات

عقل الحبيب  في تلك الحضرة من سرها ما عقل * و اتصل من علمها بما اتصل * فاوحى الى عبده ما اوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى * فما هي الا منحةٌ خصصت بها حضرة الأمتنان * هذا النسان * و اولته من عواطفها الرحيمة ما يعجز عن حمله الثقلان * و تلك مواهب لا يجسر القلم على شرح حقائقها * ولاتستطيع الألسن ان تعرب عن خفي دقائقها * خصصت بها الحضرة الواسعة هذه العين الناظرة و الأذن السامعة * فلا يطمع طامعٌ في الأطلاع على مستورها * والأحاطة بشهود نورها * فانها حضرة جلت عن نظر الناظرين * و رتبةٌ عزَّت على غير سيد المرسلين * فهنيئاً للحضرةِ المحمدية * ما واجهها من عطايا الحضرة الأحدية * وبلوغها الى هذا المقام العظيم
و حيث تشرفت الأسماعُ باخبار هذا الحبيب المحبوب * و ماحصل له من الكرامة في عوالم الشهادة والغيوب * تحركت همة المتكلم الى نشر محاسن خَلقِ هذا السيد و اخلاقِه * ليعرف السامع ما اكرمه الله به من الوصف الحسن و الخلق الجميل الذي خصصته به عنايةُ خلاقه * فليقابل السامع ما امليه عليه من شريف الأخلاق بأذنٍ واعية * فانه سوف يجمعه من اوصاف الحبيب على الرتبة العالية * فليس يشابه هذا السيد في خلقه و اخلاقه بشر * و لايقف احدٌ من اسرار حكمةِ الله في خلقه وخلقه على عينٍ و لا اثر * فإن العناية الازلية * طبعته على اخلاقٍ سنيَّة * و اقامته في صورةٍ حسنةٍ بدرية * فلقد كان  مربوع القامة * ابيض اللون مشرباً بحمره * واسع الجبين حَسَنَهُ شعرهُ بين الجُمَّةِ و الوفرة * وله العتدال الكامل في مفاصله واطرافه * و الأستقامة الكاملة في محاسنه و اوصافه * لم يأتِ بشرٌ على مثل خَلقِه * في محاسن نظره و سمعه و نطقه * قد خلقه الله عل اجملِ صورة * فيها جميع المحاسن محصوره * وعليها مقصورة * إذا تكلم نثر من المعارف والعلوم نفائس الدرر * و لقد اوتي من جوامع الكلم ما عجز عن الأتيان بمثله مصاقعُ البلغاءِ من البشر* تتنزه العيون في حدائق محاسن جماله * فلا تجد مخلوقاً في الوجود على مثاله
و إذا مشى فكأنما ينحطُّ من صبب * فيفوت سريع المشي من غي خبب * فهو الكنز المطلسم الذي لا يأتي على فتح باب اوصافه مفتاح * والبدر التم الذي يأخذ الألباب إذا تخيلته او سناهُ لها لاح
فماذا يعرب القول عن وصفٍ يعجز الواصفين * او يدرك الفهم معنى ذاتٍ جلَّت ان يكون لها في وصفها مشاركٌ او قرين
فما اجـــل قـــدره الــعـــظـــيـــم * و اوســــع فـــضـــلـــه الــعــمــيـــم
ولقد اتصف  من محاسن الأخلاق * بما تضيق عن كتابته بطون الأوراق * كان  احسن الناس خُلُقاً و خَلَقاً * و اولهم الى مكارم الاخلاق سبقاً * و اوسعهم بالمؤمنين حلماً ورفقاً * بــــراً رؤفــــاً * لا يقولُ و لا يفعلُ الا معروفا* له الخلق السهل * و اللفظُ المحتوي على المعنى الجزل * إذا دعاه المسكين اجابه اجابةً معجلة * و هو الأب الشفيق الرحيم لليتيم و الأرملة * وله مع سهولة اخلاقه الهيبة القوية * التي ترتعد منها فرائصُ الأقوياءِ من البرية * و من نشر طيبهِ تعطرت الطرق و المنازل * و بعرف ذكره تطيبت المجالسُ و المحافل * فهو  جامه الصفات الكمالية * و المنفرد في خَلقِهِ و خُلُقِهِ بإشرف خصوصية * فما من خلق في البرية محمود * الا وهو متلقىً عن زين الوجود

وقد انبسط القلم في تدوين ما افاده العلم من وقائع مولد النبي الكريم * و حكاية ما اكرم الله به هذا العبد المقرب من التكريم والتعظيم والخلق العظيم * فحسن مني ان امسك اعنة الأقلام في هذا المقام * و اقرأُ السلام * على سيد الأنام

وبذلك يحسن الختم كما يحسن التقديم * فعليه افضل الصلاة والتسليم
ولما نظم الفكر من دراري الأوصاف المحمدية عقوداً * توجهت الى الله متوسلاً بسيدي و حبيبي محمدٍ  ان يجعل سعيي فيه مشكوراً و فعلي فيه محموداً * وان يكتب عملي في الأعمال المقبولة * و توجهي في التوجهات الخالصة و الصلات الموصوله * اللهم يا من اليه تتوجه المال فتعود ظافرة * و على باب عزته تحط الرحال فتغشاها منه الفيوضات الغامرة * نتوجه اليك * باشرف الوسائل لديك * سيد المرسلين * عبدك الصادق الأمين * سيدنا محمداً الذي عمت رالته العالمين *ان نصلي وتسلم على تلك الذات الكاملة * مستودع امانتك * و حفيظ سرك * و حامل راية دعوتك الشاملة *الأب الأكبر * المحبوب لك و المخصص بالشرف الأفخر * في كل موطنٍ من مواطن القرب ومظهر * قاسم امدادك في عبادك * وساقي كؤوس ارشادك لاهل ودادك * سيد الكونين * و اشرف الثقلين * العبد المحبوب الخالص * المخصوص منك باجل الخصائص * اللهم صل وسلم عليه وعلى اله واصحابه * واهل حضرة اقترابه من احبابه * اللهم ان نقدم اليك جاه هذا النبي الكريم * و نتوسل اليك بشرف مقامه العظيم * ان تلاحظنا في حركاتنا و سكناتنا بعين عنايتك * وا نتحفظنا في جميع اطوارنا و تقلباتنا بجميل رعايتك * و حصين وقايتك * و ان تبلغنا من شرف القرب اليك والى هذا الحبيب غاية امالنا * و تتقبل منا ما تحركنا فيه من نياتنا و اعمالنا * و تجعلنا في حضرة هذا الحبيب من الحاضرين* وفي طرائق اتباعه من السالكين * و لحقك وحقه من المؤديين * ولعهدك من الحافظين * اللهم ان لنا اطماعاً في رحمتك الخاصة فلا تحرمنا * و ظنوناً جميلةً هي وسيلتنا فلا تخيبنا * امنَّا بك و برسولك وما جاء به من الدين * و توجهنا به اليك مستشفعين * ان تقابل المذنب منّا بالغفران * و المسيء بالإحسان * و السائل بما سأل * والمؤمل بما امل * وان تجعلنا ممن نصر هذا الحبيب و وازره * و والاه و ظاهره * وعمَّ ببركته و شريف وجهته اولادنا ووالدينا * و اهل قطرنا و وادينا * و جميع المسلمين والمسلمات * و المؤمنين والمؤمنات * في جميع الجهات * و ادم راية الدين القويم في جميع الأقطار منشورة * و معالم الأسلام والأيمانباهلها معمورة * معنىً و صورة* و اكشف اللهم كربة المكروبين * و اقض دين المدينين * و اغفر للمذنبين * و تقب توبة التائبين * و انشر رحمتك على عبادك المؤمنين اجمعين * و اكف شر المعتدين و الظالمين * و ابسط العدل بولاة الحق في جميع النواحي والأقطار * وايدهم بتأييد من عندك و نصرٍ على المعاندين من المنافقين و الكفار * و اجعلنا يارب في الحصن الحصين من جميع البلايا * و في الحرز المكين من الذنوب والخطايا * و ادمنا في العمل بطاعتك و الصدق في خدمتك قائمين * و إذا توفيتنا فتوفنا مسلمين مؤمنين * و اختم لنا منك بخير اجمعين * وصل وسلم على هذا الحبيب المحبوب * للأجسام والأرواح و القلوب * و على اله وصحبه و من اليه منسوب * و آخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين

Tidak ada komentar:

Posting Komentar